تم أمس إطلاق تقرير التنمية البشرية العالمي 2011 في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة وبتنظيم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومجلس الإمارات للتنافسية ودائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي حيث أكدت الإمارات مكانتها عالمياً في مجال التنمية البشرية مع تقدمها إلى المرتبة 30 بعد أن كانت في المرتبة 32 خلال العام 2010. وبلغت نسبة الفقر صفراً فيما ارتفع إجمالي نصيب الفرد من الدخل إلى 220 ألف درهم.

ريادة الإمارات

وصنف تقرير التنمية البشرية 2011 الذي يحتوي على 180 صفحة من القطع الكبير الإمارات ضمن فئة الدول التي حققت تنمية بشرية مرتفعة جداً حيث جاء تصنيفها رقم ثلاثين بينما احتلت النرويج وغالبية الدول الأوروبية وأميركا المراتب الأولى وذلك من إجمالي دول التقرير البالغة 187 دولة. وجاءت الإمارات في المرتبة الأولى عربياً ضمن فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً وعددها 47 دولة وجاءت بعدها عربياً قطر في المرتبة 37 ثم البحرين في المرتبة 42.

اقتصاد تنافسي

وأكد معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد سعي الإمارات لتحقيق اقتصاد تنافسي مبني على المعرفة وفق الرؤية الاستراتيجية للدولة 2021 والتحول إلى اقتصاد عالي الإنتاجية بقيادة كفاءات وطنية، مشيراً إلى أنه يجري العمل حالياً على توفير كافة المتطلبات لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي. كما أكد في كلمته التي ألقاها نيابة عنه المهندس محمد عبد العزيز الشحي وكيل الوزارة حرص قيادة الدولة الرشيدة على استخدام مردود الموارد النفطية في تعزيز أداء التنمية البشرية والتطوير الشامل وبدأت بإطلاق المشاريع التنموية الرئيسية اللازمة لتأسيس دولة نموذجية قادرة على الانتقال إلى مراحل جديدة في مجال التطور الاقتصادي والاجتماعي وبدأ التركيز على تطوير البنى التحتية للدولة من مدارس ومستشفيات وموانئ ومطارات.

تضاعف الناتج

ولفت إلى أن التنمية البشرية التي حققتها الإمارات ساهمت في تحقيق التنمية الاقتصادية على كافة الأصعدة والمستويات حيث قفز الناتج المحلي الإجمالي من 6.5 مليارات درهم عام 1971 ليتجاوز تريليون درهم عام 2010. ونوه إلى أن القطاع الصناعي شهد تطوراً ملحوظاً حيث ارتفعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي من 1% عام 1971 إلى 16.4% في العام 2009 وبلغ عدد المنشآت الصناعية العاملة في الدولة 4960 منشأة بحجم استثمار بلغ أكثر من 100 مليار درهم.

التعليم

وأشار إلى أن الدولة تولي اهتماماً كبيراً لقيمة التعليم، لافتاً إلى أن عدد المدارس الحكومية والخاصة بلغ حوالي 1400 مدرسة بالمقارنة مع 74 مدرسة فقط في العام 1971. كما ارتفع عدد مؤسسات التعليم العالي في الدولة إلى أكثر من 50 مؤسسة تعليمية موزعة على إمارات الدولة من بينها جامعات عالمية مرموقة. كما نجحت الدولة في تغطية خدمات الرعاية الصحية جميع المناطق المأهولة بالسكان حيث بلغ عدد المستشفيات بالدولة نحو 40 مستشفى وأكثر من 115 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، وذلك مقارنة مع 7 مستشفيات و12 مركزاً صحياً فقط عند قيام الاتحاد في العام 1971.

الاهتمام بالمرأة

وأشار إلى أن حكومة الإمارات حرصت على أن تولي المرأة أهميّة كبيرة في المجتمع، حيث أصبحت المرأة شريكاً رئيسياً في حركة تطوّر المجتمع وتنميته وباتت موجودة بفاعليّة في مختلف المجالات وفقاً للفكر التنموي الرشيد للقيادة الحكيمة.

10 مؤشرات

وتضمن التقرير عشرة مؤشرات ومقاييس للتنمية البشرية أبرزها مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد ودليل الفوارق بين الجنسين ومفهوم الرفاهية والصحة والتعليم والصحة والسكان والاقتصاد. وأكد في إحصائياته أن عدد سكان الإمارات عام 2011 بلغ 7.9 ملايين نسمة بمعدل خصوبة يصل إلى 1.7%، مشيراً إلى أن السكان يعيشون في رفاهية حيث لا يوجد أي مواطن إماراتي يعيش في فقر مدقع وبلغت نسبة الفقر في المجتمع الإماراتي صفراً بينما تصل نسبة السكان المعرضين لخطر الفقر إلى 2% وهي نسبة قليلة جداً.

الدخل

ووفقاً لإحصائيات التقرير فقد بلغ نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي في الدولة 59.99 ألف دولار (نحو 220 ألف درهم) لتحتل الإمارات المرتبة الثانية بعد قطر التي سجلت 107 آلاف و721 دولاراً. وتفوقت الإمارات في ذلك على دول بفارق كبير يزيد عدة آلاف من الدولارات مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسنغافورة واليابان وكندا والنرويج.

مثابرة وعمل

وكانت اليسار سروع منسق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ألقت كلمة في بداية الحفل هنأت فيها الإمارات على تحقيق هذا الإنجاز الكبير، مشيرةً إلى الالتزام القوي من الإمارات لتكون واحدة من أفضل دول العالم وفق استراتيجية ثابتة وعمل دؤوب ومثابرة على النجاح. ونوهت إلى أن تقرير هذا العام يركز على مسألة التنمية المستدامة والإنصاف بين البشر وهما جانبان يعكسان مدى اهتمام حكومات دول العالم بتحقيق أعلى معدلات التنمية البشرية المستدامة وفق معايير الإنصاف والتساوي في الحقوق والواجبات.

إدراك مبكر

وقال محمد عمر عبد الله وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي في كلمته: إن الإمارات أدركت مبكراً أهمية توفير الفرص المتكافئة لجميع مواطنيها وتمتعهم بالحقوق والواجبات نفسها مع تقاسم المسؤوليات لما لذلك من أثر كبير في عملية التنمية المستدامة والعمل على بناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة. وذكر أن هذا الإدراك المبكر والتخطيط السليم للقيادة الرشيدة للدولة ساهم في ارتقاء الدولة من مرتبة إلى أخرى ضمن قوائم تصنيف الأداء والتنافسية الدولية حتى نالت شرف الإشادة بها من مختلف الجهات الدولية وفي مقدمتها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وقال: إن هذه الإنجازات تعد نتيجة طبيعية لجهود وتوجهات قيادتنا الرشيدة ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وحرص سموهم على تمكين كافة فئات المجتمع.

الإمارات سباقة

وقال وكيل اقتصادية أبوظبي: إن جهود القيادة الرشيدة لم تقتصر على الاهتمام بالتنمية البشرية داخل الإمارات فحسب، بل تجاوزتها إلى خارجها حيث كانت الدولة سباقة إلى تقديم الدعم لمختلف الشعوب والدول الصديقة، من خلال تمويل الأنشطة الإنسانية، والإنمائية، والمشروعات التعليمية والصحية. ووجه وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي الشكر والتقدير للقادة وأبناء الوطن الأوفياء والمخلصين الذين عملوا بكل جهد، من أجل الوصول بالدولة إلى تلك المراتب المتقدمة التي كانت ثمرة لغرس رعاه الأب المؤسس المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله الذي قدم نموذجاً يُحتذى به في رعاية المواطنين والمقيمين في مختلف المجالات، وسار على نهجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله.

مكانة متميزة

وفي كلمة لها قالت ريبيكا غرينسبان الأمين المساعد لمنظمة الأمم المتحدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: إنها فرصة كبيرة لنا لتقديم تقرير التنمية البشرية العالمي للعام الثاني على التوالي في العاصمة الإماراتية أبوظبي وذلك تقديراً للمكانة المتميزة التي حققتها الإمارات وتقديراً لها للإنجازات غير المسبوقة التي مكنتها من احتلال الصدارة على مستوى الدول العربية.

وأضافت: إنه من منظور التنمية البشرية أضحت الإمارات النموذج الأمثل في المنطقة من حيث التطور والنمو في شتى المجالات وخاصة رؤيتها المستقبلية في تنويع مصادر الدخل وتطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية وتوجهها نحو بناء اقتصاد معرفي يعتمد على التكنولوجيا والعلم وذلك بالتركيز على تنمية مواردها البشرية والاهتمام في ذلك بالتعليم والصحة وتعزيز الهوية الوطنية.

ونوهت ريبيكا في هذا الإطار بمبادرة إمارة أبوظبي في مدينة مصدر المشروع المثالي في المنطقة الذي سيغير الطريقة التي نفكر بها حول توزيع الطاقة الكهربائية وتوليد والاستهلاك بالاعتماد على طرق بديلة للطاقة، لافتةً إلى أهمية دور وكالة ايرينا التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها وتعد مؤسسة عالمية ستعمل على تعزيز اعتماد جميع أشكال الطاقة المتجددة وانتشارها بالمنطقة.

إنجازات كبيرة

وأعربت أمة العليم السوسوة مساعد أمين عام الأمم المتحدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للمنطقة العربية عن سعادتها لإطلاق تقرير التنمية البشرية للعام 2011 للعام الثاني على التوالي في عاصمة الإمارات وهي فرصة لتسليط الضوء على التحديات والفرص التي تواجه التنمية البشرية في المنطقة العربية وكذلك لتسليط الضوء على مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة المثيرة للإعجاب في تقدم التنمية البشرية خلال السنوات الأخيرة وهي تشهد مناسبة مرور 40 عاماً على إنشائها.

وأكدت السوسوة أن الإمارات حققت مستوى من أعلى مستويات نصيب الفرد من الدخل الوطني على مستوى العالم كما حققت إنجازات غير مسبوقة في مجال التنمية البشرية وخاصة في مجالي الصحة والتعليم وذلك بفضل استراتيجياتها ورؤيتها الناجحة في استثمارات دخلها الوطني لهذين المجالين.

وأضافت: إنه على مدى السنوات الخمس الماضية تمكنت الإمارات من الارتقاء 19 درجة في تصنيفات دليل التنمية البشرية وهذا يعني أن الإماراتيين باتوا يتمتعون بأعلى المستوى للمعيشة من أي وقت مضى وأن التقدم في هذا الصدد كان أسرع بكثير من العديد من البلدان الأخرى.

وقالت: إنه من المهم أيضاً التنويه بالجهود الجبارة التي بذلتها حكومة الإمارات لتنويع اقتصادها الوطني على مدى العقود الأخيرة وذلك عبر ضخ الأموال للاستثمار في قطاعات جديدة من أجل توسيع حدود اقتصادها وتوفير فرص عمل لسكانها الذين تتزايد أعدادهم بشكل مضطرد.

وأشارت إلى أن أبرز هذه الاستثمارات التي مكنت الإمارات من تبوؤ مراكز متقدمة في التنمية البشرية كانت في الرعاية الصحية والأدوية التي تساعد على جعل العالم أكثر صحة وقطاعات أخرى مثل الطيران والنقل والتجارة والسياحة والإعلام والاتصالات السلكية واللاسلكية، بالإضافة إلى الثقافة والتعليم.

إنفاق مستمر

وأوضح عبد الله لوتاه أمين عام مجلس الإمارات للتنافسية أن الإمارات باتت الرائدة في مجال التنمية البشرية باحتلالها المركز الأول في تقرير التنمية البشرية العالمي 2011 بين الدول العربية، للعام الثاني على التوالي، و30 عالمياً من أصل 187 بلداً. وأشار لوتاه إلى أن الدولة خصصت 46% من ميزانيتها العامة للعام 2011 للإنفاق على مجالات التعليم والصحة والمجتمع، لافتاً إلى أن حكومة الدولة توفر التعليم المجاني والإلزامي، وتدعم المواطنين من خلال الحصول على العديد من الخيارات في مجال التعليم العالي.